أحد أشهر الشبهات التي تُثار من قبل الملحدين هي ضآلة حجم الإنسان بالنسبة للكون الفسيح الذي لا نكاد نشغل شيء بالنسبة لحجمه، لكن هل هذا صحيح؟!
من يريد الإنصاف عليه أن ينظر للأمر من جميع الجوانب، ولا يأخذ جانباً لأنه يؤيد وجهة نظره ويترك آخر لأنه مخالف له، إذ ينظر غالب الملاحدة باستمرار إلى مقارنة حجم الكون واتساعه بحجم الإنسان، لكن حقيقة الأمر أن الكون عبارة عن ثلاث مستويات وهي:
1- المستوى الضخم الهائل أو ممكن نسميه Super-Macro الذي دائما ما ينظر إليه الملحد ويترك غيره، وهذا المستوى تعمل فيه قوانين النسبية العامة.
2- المستوى العادي الطبيعي أو ما يُسمى ال Macro وهو ما نتعامل معه طبقا لأحجامنا في حياتنا الطبيعية ولا نستغرب نتائجه، وهو ما ينطبق عليه قوانين نيوتن أو الفيزياء الكلاسيكية.
3- المستوى الصغير – الذرة وما دونها – وهو ما يُطلق عليه ال Micro، وهو ما ينطبق عليه قوانين الكوانتم، ودائما ما تزعجنا نتائجه، نظرا لاختلاف طبيعته عن طبيعتنا.
دعنا ننظر الآن لهذه المستويات الثلاثة ونقارنها بحجم الإنسان، لنرى حقيقة الأمر:
– طبقا للمستوى الضخم (1) فالأمرأن حجم الإنسان لا يكاد يُذكر بالنسبة للكون واتساعه، وهذا ما ينظر إليه الملحد دائما، لأنه دائما ما يؤيد وجهة نظره التي يريد أن يثبتها.
– طبقا للمستوى العادي (2) فغالبا لا يشغلنا مقارنته بمقارنة الإنسان، لأنهما تقريبا في تناسق من قبل الحجم.
– طبقا للمستوى الميكرو (3) وهو ما يتجاهله الملحد دائما، فالأمر أن حجم الإنسان بالنسبة لهذا الحجم المتناهي في الصغر أشبه كثيرا بحجم الإنسان بالنسبة لحجم الكون المتناهي في الكبر، فالإنسان بالنسبة لمستوى الميكرو – الكوانتم – هو شيء عملاق جدا، والأجسام الكوانتية أشياء تافهة مقارنة مع حجم الإنسان، ولتوضح الأمر دعنا نأخذ المثال التالي:
انظر إلى النقطة الموضوعة بين القوسين التاليين [.]، هل تعرف هذه النقطة عبارة عن ماذا؟
1- يحتوي حبرها على نحو مائة مليار ذرة من الكربون.
2- ولكي ترى ذرة واحدة منها بالعين المجردة لا بد أن تكبِّر النقطة حتى يصل قطرها إلى ١٠٠ متر.
3- لكن لكي ترى نواة الذرة، لا بد أن تكبر النقطة حتى يصل قطرها إلى ما يعادل قطر كوكب الأرض.
4- ولترى الكوارك لا بد أن تكبر النقطة حتى القمر، ثم تستمر في التكبير لضعف هذه المسافة عشرين مرة.
وبالتالي: فإن الإنصاف يقتضي النظر للأمر من جميع الجوانب، و الصورة التالية تعبر عن المستويات التي تحدثنا عنها بالأعلى، وتبين جيدا حجم الإنسان الحقيقي. وهي صورة مأخوذة من كتاب فيزياء الجسيمات ل فرانك كلوس حيث تصف: مقارنات بين النطاق البشري وما وراء الرؤية الطبيعية. على النطاقات الصغيرة والمسافات البالغة الكبر.
فالقول بأن حجم الإنسان شيء تافه بالنسبة لحجم الكون هو مجرد افتراء ..!
كتبها: مصطفى قديح
تعليقات
إرسال تعليق